فلسطين عضو مراقب فى الامم المتحدة
ابتهج جموع الفلسطينيين فى رام الله وغزة بعد أن أصبحت فلسطين دولة مراقب فى الأمم المتحدة، وذلك بعد عملية تصويت تاريخية فى الجمعية العامة للأمم المتحدة ورغم معارضة واشنطن وتل أبيب.
وهنأت مصر شعب فلسطين على حصول دولته على وضعية الدولة المراقب فى الأمم المتحدة، بعد اعتماد مشروع قرار الجمعية العامة أمس.
وقال السفير معتز أحمدين خليل، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، فى بيان بهذه المناسبة إن اعتماد القرار بأغلبية تفوق ثلثى أعضاء الأمم المتحدة يعكس إقرار المجتمع الدولى بحقيقة تمتع فلسطين بجميع مقومات الدولة من شعب، وحكومة، وأرض محددة المعالم، رغم وقوعها تحت الاحتلال، ورغم المحاولات المستمرة لسلطة الاحتلال لابتلاع أجزاء تلو أجزاء من هذه الأرض المحتلة بالضم والاستيطان وبغيرها من الوسائل التى تضرب بالقانون الدولى وبمبادئ التسوية السلمية عرض الحائط.
وأضاف أن حصول فلسطين على وضعية الدولة المراقب بالأمم المتحدة خطوة تاريخية طال انتظارها، وجاءت فى الاتجاه الصحيح، لتمكين الشعب الفلسطينى من حقوقه الأساسية غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ولتوفير الأدوات القانونية المناسبة لردع ومواجهة الجرائم التى ترتكبها سلطات الاحتلال، ومحاسبة المسئولين عنها أمام العدالة الدولية.
وأشار إلى أن "المجتمع الدولى أثبت بهذا القرار أنه يستطيع استعادة زمام المبادرة، وأنه قادر على اتخاذ القرار السليم عند توفر الإرادة السياسية لدى الدول الأعضاء، ولذلك نتطلع إلى يوم قريب يستطيع فيه مجلس الأمن تحمل مسئوليته.
واتخاذ القرار الصحيح بقبول العضوية الكاملة لفلسطين، وبردع العدوان الإسرائيلى المستمر على الشعب والأراضى والموارد الفلسطينية".
ولفت السفير المصرى إلى أن قرار الجمعية العامة يعتبر نموذجا لما يتعين على المجتمع الدولى الإقدام عليه تجاه عملية السلام، بعد أن ثبت بما لا يدع مجالا للشك عدم جدية إسرائيل فى تحقيق السلام رغم مرور أكثر من عشرين عاما على مؤتمر مدريد عام 1991، مضيفا أن دولة الاحتلال كانت تعتمد على استراتيجية التفاوض لمجرد التفاوض، دون التوصل إلى حلول، ثم أصبحت الآن تتبع استراتيجية جديدة تقوم على ابتكار الذرائع لعدم الدخول فى مفاوضات، وإلقاء اللوم على الآخرين لعدم قبولهم بالأمر الواقع، وبالانتهاكات المستمرة للقانون الدولى، ولما سبق الاتفاق عليه.
وفى تحد صارخ للعالم والأمم المتحدة بعد الاعتراف الدولى بفلسطين بالجمعية العامة للأمم المتحدة كدولة بصفة مراقب، قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو إن القرار بشأن فلسطين كعضو مراقب لن يغير شيئا على الأرض، ولن يعجل من إقامة الدولة الفلسطينية بل سيبعدها، مهددا بأن الدولة الفلسطينية لن تقوم بدون الشروط الإسرائيلية.
ونقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية قوله خلال زيارته لمركز "تراث بيجين"، بمناسبة مرور 35 عاما على زيارة الرئيس المصرى أنور السادات لإسرائيل "إن إسرائيل تمد يدها دائما للسلام، ولن تقوم دولة فلسطينية بدون الاعتراف بإسرائيل كدولة الشعب اليهودى، ولن تقوم دولة فلسطينية بدون الإعلان عن نهاية الصراع، ولن تقوم دولة فلسطينية بدون ترتيبات أمنية حقيقية تحمى إسرائيل ومواطنيها"، على حد زعمه.
وأضاف نتانياهو أن المطالب الإسرائيلية لا يوجد لها ذكر فى الاقتراح الذى قدم للجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا يتضمن ترتيبات أمنية لإسرائيل، ولا اعترافا بإسرائيل كدولة الشعب اليهودى ولا إعلانا عن نهاية الصراع.
وزعم نتانياهو أنه يمكن تحقيق السلام بطريقة واحدة فقط وهى المفاوضات المباشرة بين الطرفين بدون شروط مسبقة، وليس عن طريق قرارات من جانب واحدة فى الأمم المتحدة، والتى لا تأخذ بالحسبان احتياجات البقاء والأمن لإسرائيل.
وسادت حالة من الذهول داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية بتل أبيب، بعد قبول الجمعية العامة بالأمم المتحدة فلسطين كعضو مراقب بالمنظمة الدولية بأغلبية بـ 138 صوتا مقابل 9 معارضين وامتناع 41 دولة.
وقالت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية إن مندوبا إسرائيليا لدى الأمم المتحدة، رون بروشوار ألقى خطابا شديد اللهجة علق فيه على خطاب الرئيس الفلسطينى، محمود عباس، متهما الفلسطينيين بأنهم فى طلبهم للاعتراف بدولة فلسطينية غير كاملة العضوية، يديرون ظهرهم للسلام ويكررون خطأهم التاريخى قبل 65 عاما عندما رفضوا قرار التقسيم.
واستهل المندوب الإسرائيلى خطابه، بعد الرئيس عباس بالقول: " أقف اليوم أمامكم شامخا فخورا، لأننى أمثل الدولة اليهودية الوحيدة فى العالم، والتى أقيمت فى وطنها القديم، إسرائيل ليست دولة تتردد فى الدفاع عن نفسها، لكنها تمد يدها دائما للسلام"، على حد زعمه.
وزعم المندوب الإسرائيلى أن إسرائيل هى التى تريد السلام بينما يتهرب الفلسطينيون من السلام.
ووجه المندوب الإسرائيلى خطابه للرئيس عباس قائلا: " لم أسمعك يوما تطلق تعبير دولتان لشعبين، لأن الشعب الفلسطينى غير مستعد للاعتراف بما اعترفت به هذه الهيئة قبل 65 عاما وهى الدولة اليهودية، أنت تطالب الأمم المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطينية"، على حد قوله.
ووصفت الولايات المتحدة القرار الذى أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة ويمنح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو بأنه "مؤسف وتترتب عليه نتائج عكسية".
وقالت المندوبة الأمريكية فى الأمم المتحدة سوزان رايس عقب التصويت: "إنه يخلق عقبات إضافية فى الطريق إلى السلام، وهذا هو سبب تصويت الولايات المتحدة ضد القرار". ونال القرار، الذى صوتت عليه 193 دولة، موافقة 138 دولة واعتراض 9 دول وامتناع 41 دولة عن التصويت.
وأضافت أن تصويت الأمم المتحدة لا يمكن أن يحل النزاع الإسرائيلى الفلسطينى "ولهذا السبب لا ينبغى أن يساء فهم تصويت اليوم بأنه يخول بالأحقية فى عضوية الأمم المتحدة، فهو ليس كذلك هذا القرار لا ينص على أن فلسطين دولة".
ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة التى تضم فى عضويتها 193 دولة، على قبول فلسطين كعضو مراقب بالجمعية، وذلك بغالبية 138 صوتاً لصالح فلسطين مقابل 9 معارضين وامتناع 41 دولة أخرى عن التصويت.
وقد صوتت لصالح القرار 17 دولة أوروبية منها النمسا وفرنسا وإيطاليا والنرويج وأسبانيا بالإضافة إلى روسيا والبرازيل والصين ولبنان وتركيا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية، وامتنعت بريطانيا وألمانيا وآخرون عن التصويت، وعارضت القرار كلا من التشيك والولايات المتحدة وإسرائيل وكندا وبنما وعدد من الجزر الصغيرة فى المحيط الهادى "ناورو" و"بالاو" و"ميكرونيسيا".
وينص مشروع القرار الذى أجمع عليه الغالبية على منح فلسطين صفة "دولة مراقب غير عضو" بالأمم المتحدة والذى قدمه الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى سبتمبر 2011م وبذلك يكون بمقدور الدولة الفلسطينية أن تحصل على العضوية بالمنظمات الأممية، ومنها المحكمة الجنائية الدولية التى تخشى إسرائيل لجوء الفلسطينيين إليها لبحث قضايا مثل الاستيطان غير الشرعى بالضفة الغربية، وقضايا أخرى مثل احتمال مسئولية إسرائيل عن وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات.
بدأت الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء أمس الخميس، جلستها للنظر فى طلب منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو فى الأمم المتحدة بكلمة افتتاحية لممثل السودان فى الأمم المتحدة، تلاه قيام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بإلقاء كلمته أمام جلسة الجمعية التى وصف فيها الطلب الفلسطينى بأنه الفرصة الأخيرة لإنقاذ حل الدولتين.
وقال عباس فى خطابه أمام الجمعية العامة، إن الجمعية العامة للأمم المتحدة مطالبة اليوم بإصدار شهادة ميلاد دولة فلسطين، ولهذا السبب نحن هنا اليوم مضيفا أن العالم مطالب بتصحيح الظلم التاريخى الذى الحق بالشعب الفلسطينى، وأن اللحظة حانت ليقول العالم كفى للاحتلال والاستيطان الإسرائيلى، مؤكداً أن الهدف من هذه الخطوة هو إطلاق فرصة جدية أخيرة لتحقيق السلام.
وقال عباس فى خطابه لم نأت هنا كى نضيف تعقيدات لعملية السلام التى قذفت بها الممارسات الإسرائيلية إلى غرفة العناية المركزة، بل لإطلاق فرصة جدية أخيرة لتحقيق السلام"، مضيفا "لا نريد نزع الشرعية عن إسرائيل بل تأكيد شرعية دولة فلسطين وشدد الرئيس الفلسطينى على أن الفلسطينيين لا يريدون نزع الشرعية عن إسرائيل بل تأكيد شرعية دولة فلسطين.
من جانبه أعلن السفير الإسرائيلى فى الأمم المتحدة رون بروزور، أن مشروع القرار الذى بدأت الجمعية العامة للأمم المتحدة النظر فيه لرفع التمثيل الفلسطينى إلى مرتبة دولة غير عضو مراقب هو مشروع "منحاز" و"يدفع بالسلام إلى الوراء.
وقال بروزور أمام الجمعية العامة، إن مشروع القرار "المنحاز" هذا لا يدفع بالسلام قدما بل يدفع به إلى الوراء مشددا على أنه حتى ولو صوتت الجمعية العامة لصالح الطلب الفلسطينى فإن هذا لن يغير الوضع على الأرض.
وتشكل هذه الخطوة انتصارا دبلوماسيا ومكسبا قانونيا للفلسطينيين رغم أنها قد تعرضهم لخطر العقوبات، حيث خرج الآلاف من الفلسطينيين إلى الشوارع للاحتفال بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح منح فلسطين صفة دولة مراقب فى الأمم المتحدة رافعون أعلام فلسطين مرددين هتافات مؤيدة للرئيس محمود عباس.
فيما هللت جموع الفلسطينيين التى احتشدت فى رام الله حيث مقر السلطة الفلسطينية، فرحا فور إعلان نتيجة التصويت وأطلقت الأعيرة النارية فى الهواء ابتهاجا بالتصويت التاريخى.
ومن جانبه وصف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو خطاب محمود عباس بأنه عدائى وسام وحافل بالدعاية الكاذبة، زاعما بأنه ليست كلمات رجل يريد السلام، وقال مندوب إسرائيل عقب التصويت لن نقبل بقرار الجمعية العامة بالاعتراف بفلسطين لأنه أحادى، مشددا على أن هذا القرار سيحول دون تحقيق سلام دائم فى الشرق الأوسط، مضيفا أنه لا يوجد أى حل للنزاع غير التفاوض المباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ومن ناحية أخرى وصفت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون منح فلسطين صفة دولة مراقب فى الأمم المتحدة بالمؤسف وغير المجدى، وقال وليام هيغ وزير الخارجية البريطانى، إن بلاده تحترم المسار الذى اختاره عباس ونتيجة التصويت بالأمم المتحدة، ودعت فرنسا إلى استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بلا شروط من أحد.
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى بعد صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بمنح فلسطين وضع دولة غير عضو مراقب بالأمم المتحدة على الالتزام تجاه السلام القائم على التفاوض، وأضاف أنه لا يوجد بديل عن المفاوضات لتحقيق ذلك موضحا أن تصويت اليوم يؤكد الحاجة الملحة لاستئناف مفاوضات ذات مغزى.
ومن جانبه اعتبر الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى أكمل الدين إحسان أوغلو قرار قبول فلسطين دولة غير عضو فى الأمم المتحدة إنجازا تاريخيا على طريق إنهاء الاحتلال الإسرائيلى واستعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة، مشيدا بموقف المجتمع الدولى تجاه تعزيز فرص السلام الدائم فى المنطقة على مبدأ حل الدولتين، مؤكدا استمرار دعم منظمة التعاون الإسلامى للجهود الفلسطينية الرامية إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلى الظالم وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة عاصمتها القدس.