مجمع البحوث يصف التقرير الأمريكي عن الحريات الدينية بـ"الجهل
جدد مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ورئيس المجمع، رفضه التام للتقرير الأمريكى بإدعاء عدم وجود حريات دينية فى مصر، واعتبره جهلا وافتراء وتدخلا سافرا غير مقبول فى الشئون الداخلية لمصر ويعمل على تفتيت النسيج الاجتماعى المصرى.
صرح بذلك السفير محمد رفاعة الطهطاوى المتحدث الرسمى للأزهر عقب إنتهاء الجلسة الطارئة بمجمع البحوث الإسلامية لإعداد تقرير علمى يفند ما ورد فى تقريرالحريات الدينية فى مصر.
وأضاف أن المجمع أصدر بيانا رفض فيه كل ما ورد فى التقرير الأمريكى فيما يتعلق ببناء المساجد وإقرار الدستور بأن الشريعة الإسلامية هى مصدر أساسى للتشريع وبشأن الدراسة فى جامعة الأزهر والتميز فى الميراث بين الرجل والمرأة والسماح للمسلم بالزواج من غير المسلمة وضعف مشاركة المسيحيين فى الحياة السياسية فى مصر.
وطالب البيان بضرورة أن تكون متابعة شئون حقوق الإنسان وحرياته مسألة عالمية وشأن دولى يختص به المجلس الدولى لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولا يكون مقصورا على الإدارة الأمريكية.
كما أكد مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر رفضه لأى إدعاء لتدخل أمريكى فى الشأن المصرى وأهمية الحفاظ على وحدة الشعب المصرى بمسلميه ومسيحييه.
وأكد مجمع البحوث الإسلامية رفضه لإدعاء التقرير الأمريكى بأن مصر تقيد حرية الاعتقاد وضد الممارسات الدينية ، لافتا إلى أن بناء دور العبادة فى مصر ينظمه القانون وأن بناء المساجد له شروط تفوق فى الضوابط نظيرتها فى بناء الكنائس.
كما أن عدد الكنائس فى مصر مقارنة بعدد المواطنين المسيحيين يعتبر مناسبا، والحكومة لا تتدخل فى تعيين القيادات الدينية المسيحية على مختلف درجاتها بينما يتم شغل كل الوظائف الدينية الإسلامية بالتعيين من الحكومة.
وأوضح البيان أن دين الدولة فى مصر هو الإسلام وأن مبادىء الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، وأن اللغة العربية هى اللغة القومية لمصر وجزء أصيل من تاريخها الإسلامى منذ أكثر من 14 قرنا ويعبر عن هوية الدولة والمجتمع والأمة والتى اختارتها وأقرتها القوانين المصرية والدستور بإجماع الأعضاء المخصصين لذلك وفيهم قيادات دينية مسيحية.
وأضاف البيان أن التشريعات الإسلامية لا تجور على الخصوصيات الدينية للمواطنين غير المسلمين الذين أمرت الشريعة الإسلامية أن تكون لهم حرية العبادة، وأن مصر تحافظ على هوية مواطنيها وخصوصيتهم.
===================
حرية عرض الدين والدفاع عنه
وحول دعوى منع الحكومة المصرية حرية التبشير بالمسيحية، أوضح مجمع البحوث الإسلامية أن لكل صاحب دين سماوى فى مصر حرية عرض دينه والدفاع عنه والدعوة إليه، أما الممنوع فهو التنصير الذى تمارسه دوائر أجنبية غربية، والذى جاء إلى بلادنا مع الغزو الاستعمارى منذ القرن التاسع عشر.
وأشار مجمع البحوث الاسلامية إلى أن خير شاهد على هذه الحقيقة أن المنصرين الأمريكيين -من غلاة اليمين الدينى- قد دخلوا إلى العراق عام 2003 على دبابات الغزو الأمريكى، وهم يمارسون نشاطهم التنصيرى فى العراق وفى أفغانستان تحت حماية جيوش الاحتلال لذلك فإن هذا التنصير هو أمر مختلف عن حرية الدعوة إلى المسيحية ودخل فى إطار الغزو الفكرى الذى يقوم على ازدراء دين الأغلبية - الاسلام - ومنعه هو جزء من الحفاظ على الاستقلال الحضارى والحفاظ على الأمن الاجتماعى ومنع الفتن الطائفية وليس تعصبا إسلاميا ضد المسيحية الذى يعترف بها الإسلام ويحترم رموزها ويحمى مقدساتها على النحو الذى يعرفه الجميع.
=========================
زواج المسلم بالمسيحية واليهودية
وحول إباحة الشريعة الإسلامية زواج المسلم بالمسيحية واليهودية ومنعها زواج المسلمة من غير المسلم، أوضح المجمع أنه لا علاقة له بالتمييز السلبى ولا بالتعصب الدينى، وإنما مرجعه أن المسلم - بحكم عقيدته - يعترف بالمسيحية واليهودية ديانات سماوية ويحترم ويعظم رموزها، ومن ثم فالمسلم مؤتمن على عقيدة زوجته المسيحية واليهودية، ومطالب دينيا باحترام عقيدتها وتمكينها من أداء شعائرها، بينما غير المسلم لا يعترف بالاسلام دينا سماويا ولايقدس رموزه، ومن ثم فإنه غير مطالب - دينيا - باحترام عقيدة المسلمة الأمر الذى يشكل مخاوف على عقيدتها وحريتها الدينية وإيذاء لمشاعرها إذا هى أقترنت بمن لايعترف بدينها ولايعظم رموز هذا الدين، فالقضية أقرب إلى الكفاءة بين الازواج منها إلى التعصب أو التسامح الدينى.
وحول مطالبة التقرير الأمريكى مصر بأن تسمح بالزواج بين المسلمين وأهل الديانات الوضعية - غير السماوية - أوضح مجمع البحوث الإسلامية أنها تكشف عن جهل وافتراء، فمصر ليس بها ديانات غيرسماوية، ثم إن الخلاف مع التقرير الأمريكى - هنا وفى كثير من القضايا ليس مرده الخلاف حول "درجة الحرية والحقوق" إنما حول مفهوم الحرية والحقوق، فالمرجعية الوضعية الغربية تجعل الشذوذ الجنسى وزواج المثليين - مثلا - من الحرية وحقوق الإنسان، بينما المرجعية الدينية - فى الديانات السماوية الثلاث - تنكر ذلك كل الانكار فالخلاف هو فى "مفهوم الحرية " وليس فى درجة الحرية.
وأضاف مجمع البحوث أن الغرب وخاصة أمريكا عندما تعمل على فرض مفاهيمها على الآخرين إنما تخون الليبرالية التى تتشدق بها والتى تقوم على تنوع الثقافات وتدعو لاحترام هذا التنوع فى الثقافات الوطنية.
====================
ظلم الإسلام للمرأة
وحول حديث التقرير الأمريكى عن ظلم الإسلام للمرأة فى الميراث أوضح المجمع عن جهل مركب بفلسفة الإسلام فى الميراث فالأنثى -فى الشريعة الإسلامية- ترث مثل الذكر أو أكثر من الذكر أو ترث ولا يرث الذكر فى أكثر من ثلاثين حالة من حالات الميراث بينما ترث نصف نصيب الذكر فى أربع حالات هى التى يكون العبء المالى فيها ملقى على الذكور دون الاناث.
وأوضح أن الذين يعرفون القواعد الشرعية فى الميراث يعرفون أن الإسلام يقدم الإناث على الذكور عندما يجعل أنصبتهن فى "الفروض"، بينما يؤخر الذكور عندما يضع أنصبتهم فى "التعصب" أى فيما بقى بعد الفروض ولكنه الجهل المركب الذى انطلق منه الذين أعدوا هذا التقرير الأمريكى.
وحول حديث التقرير الأمريكى عن أوضاع المتحولين من الإسلام أو إليه عن جهل بالقيم الثقافية التى يتفق فيها الشرقيون على اختلاف دياناتهم أوضح المجمع أن المجتمعات الشرقية لا تنظر إلى الدين كشأن فردى وشخصى يتم تغييره دون مشكلات بل أنه يعبر عن هوية اجتماعية يماثل "العرض والشرف" وقد يعلو عليهما.
وبذلك فإن الانسلاخ عنه والتحول منه إنما يمثل مشكلة عائلية وإجتماعية، وفى هذا يتفق الشرقيون جميعا، وربما كان موقف الأوساط المسيحية - فى مصر - من هذه القضية أكثر تشددا ، والقانون فى أى مجتمع من المجتمعات إنما يعبر عن الواقع الاجتماعى ليضبط حركة هذا الواقع الإجتماعى، ودون مراعاة العادات والتقاليد والقيم الدينية والإجتماعية السائدة لايمكن للقانون أن يحقق السلام الإجتماعى.
===================
الحجاب
وحول قضية الحجاب أوضح المجمع أن ذلك ضمن الحريات الشخصية ، وإذا كان الغرب يعتبر حرية المرأة فى الزى مقصورة على العرى فإن الإسلام والمسيحية واليهودية تدعو إلى الحشمة دون أن تفرض هذه الحشمة، وإنما فقط تحبذها وترغب فيها، وفى مصر تتفق الأسر المصرية على إختلاف دياناتها فى الريف الذى يمثل 85% من السكان وفى الأحياء الشعبية فى المدن وفى البادية يتفقون على الحشمة التى يسميها البعض الحجاب.
وحول حديث التقرير الأمريكى عن ولاية الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية على الشأن الدينى، وعن منعه للكتب والمطبوعات إعتبر المجمع ذلك جهل كبير وإفتراء شديد، ذلك أن الأزهر مؤسسة من مؤسسات الدولة تستشيره الدولة فى الشأن الدينى .. كما تستشير أى مؤسسة من مؤسسات المجمتع فيما تختص به، وتتخصص فيه من خبرات، وليس من سلطة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية منع أى كتاب من الكتب أو أى مصنف من المصنفات الفنية، فقط يبدى رأيه الإستشارى أما منع الكتب والمصنفات الفنية فى مصر فهو شأن من شئون القضاء وحده يطبق فيه القانون الوضعى الذى سنته المؤسسة التشريعية المنتخبة والممثلة للشعب على إختلاف ديانته وتيارات الفكر فيه.
==================
الإنفاق على المساجد دون الكنائس
وحول ما تردد عن إنفاق وزارة الأوقاف المصرية على المساجد دون الكنائس قال البيان الصادر عن مجمع البحوث الاسلامية إنه ليس فيه أى تمييز سلبى، ووزارة الأوقاف إنما تنفق على المساجد من عائدات الأوقاف الإسلامية التى تم ضمها للدولة والتى أصبحت الوزارة ناظرة عليها، بينما ظلت أوقاف الكنائس والأديرة والمؤسسات الدينية المسيحية قائمة تديرها الكنيسة وتنفق من عائدتها وتحقق لها الإستقلال المالى عن الدولة.
====================
قصر الدراسة بالأزهر على المسلمين
وحول قصر الدراسة بجامعة الأزهر على الطلاب المسلمين ، ذكر البيان أن السبب فى ذلك لاعلاقة له بأى لون من ألوان التمييز السلبى ضد غير المسلمين أو التعصب الدينى فمناهج الدراسة فى جامعة الأزهر بما فيها الكليات العملية هى مناهج دينية إسلامية، ومما ينافى حرية الضمير والإعتقاد بفرض دراسة الدين الإسلامى فى هذه الجامعة على غير المسلمين، وخاصة فى المراحل العمرية الأولى.
كما أن هذا هو الوضع السائد والمتعارف عليه فى معاهد اللاهوت والكليات الأمريكية المسيحية التى لاتفرض دراسة مناهجها الدينية على غير المسيحيين .. علما بأن جامعة الأرهر لاتقبل إلا الحاصلين على الثانوية الأزهرية وترفض قبول الثانوية العامة، ولو كان الحاصل عليها مسلم.
=======================
ضعف مشاركة المسيحيين بالانتخابات
وعن ما تردد عن ضعف مشاركة المسيحيين فى الإنتخابات النيابية، ذكر البيان أنه جزء من السلبية العامة التى أفرزتها عوامل سياسية لاعلاقة لها بالتمييز السلبى ضد غير المسلمين، كما أنها فى الجانب المسيحى راجعة إلى توجه المسيحيين المصريين إلى الأنشطة المالية والإقتصادية التى يمثلون ثقلا وثراء يفوق نسبتهم العددية أضعافا مضاعفة.
==================
ذبح الخنازير
وحول ذبح الخنازير تفاديا لإنتشار مرض أنفلونزا الخنازير، وإعتبار ذلك تمييزا وإضطهادا للمسيحيين ، فإنه لون من ألوان الهزل الذى يثير السخرية، فهذه مسألة صحية لها علاقة بالصحة العامة، والخنازير ليس لها دين حتى يدخل ذبحها فى التمييز ضد المسيحيين.
وبشأن حديث التقرير الأمريكى عن تدخل الإدارة الأمريكية وأعضاء الكونجرس الأمريكى والسفارة الأمريكية بالقاهرة فى الشأن الداخلى المصرى والتمويل والإتصالات والعلاقات الأمريكية مع بعض المسيحيين والبهائيين والشيعة والقرآنيين والأحباش وحتى النوبيين .. أكد المجمع أن ذلك هو إعتراف صريح بممارسة أمريكا لسياسات تفكيك النسيج الوطنى والإجتماعى والثقافى للمجتمع المصرى، وذلك لتحقيق مخطط امريكى معلن وهو "الفوضى الخلاقة" الرامية إلى تحويل المجتمع إلى طوائف يسهل إختراقها، وهو مخطط سبق ودعى إليه المستشرق الصهيونى الأمريكى "برنارد لويس "الذى دعى إلى تحول المجتمعات العربية والإسلامية إلى "فسيفساء ورقية" ليتحقق الأمن والتفوق الإسرائيلى.