الجحيم حقيقة .. لا تذهب الى هناك
إعلاناتٌ إلـَهيّة عن الجحيم
تأليف
ماري كاثرين باكستر
مقدمة المؤلف
أعترف أنه بدون قوة الرَّب يسوع المسيح الخارقة، فإنه من غير الممكن كتابة هذا الكتاب ولا كتاب أخر يقترح التعامل مع الحالة ما بعد الموت. فيسوع وحده يحمل مفاتيح الجحيم ودفع الثمن لدخولنا الى السماء.
وجدتُ أن كتابة هذا الكتاب إنما هي خبرة طويلة، فريدة ومطلوبة. في الحقيقة، أخذ الكتاب عدة سنوات الى حين كشفهِ. جاءت هذه الإعلانات لي من الرَّب عام 1976. تتطلب وضعه على الورق ثمانية أشهرٍ. غطَّت كتابة المخطوطة نفسها فترة عدة سنوات ووضعِ تدريج مراجع الكتاب المقدس وترتيبها سنة أخرى. تتطلب إنهاء الكتاب جزءاً من شتاء 1982 وعام 1983. إضافة الى ذلك فإنه لفترة ثلاثون ليلة أخذني يسوع الى الجحيم، تلتها زيارات ليلية الى السماء.
كان الرب يهيئني لكتابة هذا الكتاب حتى إنني أتذكر حينما كُنت طفلة حلمتُ عن اللَّه. وبعد أن ولِدت ثانية، كانت لي محبة قوية جداً للنفوس المفقودة وكنت أطلب رؤية خلاص النفوس.
ظهر لي الرَّب عام 1976 وأخبرني بأنني أُخترِتُ لمهمة خاصة، إذ قال، "يا طفلتي، أنا سأُظهِر نفسي إليك لإخراج الناس من الظلام الى النور. لأن الرَّب الإله إختارك لهدف: لكتابة وعملِ سِجلٍّ عن الأشياء التي سأُريك وأُخبِرَكِ.
"سأكشف لكِ حقيقـة الجحيـم، لكي يخلُص الكثيرين ولكي يندم الكثيرين عن طرقهـم الشريرة قبـل فوات الأوان.
"نفسُكِ ستخرجُ من جسدِك مِن قِبلي أنا، الرَّب يسوع المسيح، وتـُرسل الى الجحيم وإلى أماكن أُخرى أُريدُكِ أن ترينها. سأُريك أيضاً روئ عن السماء واماكن أخرى وأُعطيكِ العديد من الإعلانات."
الى كاثرين من يسوع
لهذا الغرض ولِدّتِ أنت، لكتابة وإخبار ما أريتـُكِ وأخبرتـُكِ. لأن هذه الأشياء أمينة وحقيقية. دعوتِكِ هو لإخبار العالم أن الجحيم مكان حقيقي وأن يسوع أُرسِل من قبل اللَّه لإنقاذهم من العذاب.
الفصل الأول
داخل الجحيم
في أذار 1976 بينما كنتُ أُصلي في البيت، زارني الرَّب يسوع المسيح. كنتُ أُصلي في الروح لعدة أيام حين شعرتُ وقتها بحضور اللَّه. ملأ مجده وقوته البيت. وأنار الغرفة نور رائع حيث كنتُ أُصلي وأتاني شعور عذبٌ ورائع.
تدفقت الأنوار في أمواج وطويت الأنوار أحدها الأخر وتداخلت بعضها مع بعض. كان منظراً مدهشاً، ثم بدأ صوت الرَّب موجهاً لي، فقال.
"أنا يسوع المسيح، ربُّكِ، إني أرغبُ إعطائك إعلاناً لتهيئة القديسين لعودتي ولإرجاع الكثيرين الى البِر. أن سلطات الظلام حقيقية وأحكامي حقيقية.
"يا طفلتي، سأخُذكِ أنا الى الجحيم بروحي، وسأُريكِ العديد من الأشياء التي أُريد العالم ان يعرفها. سأظهرُ لكِ في العديد من الأوقات، سأُخرجُ روحكِ من جسدك وسأخُذكِ فعلاً الى الجحيم.
"أُريدك ان تكتبي كتاباً وتُخبري عن الرؤى وعن كل الأشياء التي أكشفها لكِ. سنمشي انا وأنتِ خلال الجحيم سوياَ. إعملي سجلاً لهذه الأشياء التي وجدِت والتي تتواجد والتي ستأتي. كلماتي حق وأمينة وجديرة بالثقة. أنا هو الذي أنا هو، وليس هناك أخر بجانبي."
صرختُ، "يا عزيزي الرَّب. ماذا تريدني أن أفعل؟"
كل ما في داخلي أراد الصراخَ للإعتراف بحضور يسوع. أن أفضل ما أستطيع وصفه هو أن محبة غمرتني. لم أشعر بهكذا محبة، لقد كانت الأكثر جمالا وسلاماً وبهجة.
بدأ تسبيح اللَّه يتدفق منّي. أردت في الحال إعطائه حياتي كلها لكي يستخدمها للمساعدة على إنقاذ الناس من خطاياهم. عرفتُ، بروحِهِ، أنه في الحقيقة يسوع إبن اللَّه، كان هناك في الغرفة معي. لا أستطيع إيجاد الكلمات المناسبة لأُعبر عن حضوره الإلهي. لكني أعرفُ بأني أعرفُ أنه كان الرَّب.
قال يسوع، "اُنظري يا طفلتي، سأخُذكِ بروحي الى الجحيم لكي تكوني قادرة على عمل سجل عن حقيقته، لإخبار الأرض كلها بأن الجحيم حقيقي، ولجلب الضالين من الظلمة إلى نور إنجيل يسوع المسيح."
وفي الحال، أُخِذت نفسي من جسدي. ذهبتُ مع يسوع خارج غرفتي والى السماء.عرفتُ أن كل ما جرى كان يخصني أنا. رأيتُ زوجي وأطفالي نائمين في بيتنا تحت.
كنتُ وكأني مُتُّ وجسدي تُرِك على السرير بينما ذهبت روحي مع يسوع من خلال قمة البيت. بدا لي وكأن السقف كلَّهُ قد تدحرج إذ إستطعت رؤية عائلتي نائمة في أسِرَّتِهم.
شعرتُ بمشاعر يسوع حين قال، "لا تخافي. سيكونون في أمان" إذ عرِف يسوع أفكاري.
سأحاول بكل قدرتي أن أُخبِرك بالترتيب عما رأيتُ وشعرت. لم أفهم بعضاً من الأمور. تكلَّم الرَّب يسوع عن معاني معظم الأشياء، لكن بعض الأشياء لم يُخبرني عنها.
عرفتُ حينها وأعرِفُ الأن، بأن هذه الأشياء تحدث فعلاً وبأنه في إمكان اللَّه وحده أن يريها لي. أُسبِّحُ إسمهُ القدوس. أيها الناس صدقوني، الجحيم حقيقي. أُخذِتُ الى هناك بالروح عدة مرات أثناء تحضير هذا التقرير.
وبعد قليل كُنَّا في علو السموات. دُرتُ ونظرتُ الى يسوع. كان مليئاً بالمجد والقوة، وكان سلاماً عظيماً يتدفق منه. أخذ بيدي وقال، "أُحبكِ. لا تخافي، لأني أنا معكِ."
عند ذلك، بدأنا بالذهاب الى مستوى أعلى في السماء، كان بإمكاني الأن رؤية الأرض من فوق. رأيت قموعاً بارزة خارج الأرض متبعثرة في عدة أماكن تلتف حول نفسها عند نقطة معينة ثم تعود راجعة. كانت تتحرك على علو من الأرض، وكانت وكأنها شكل عملاق قذر يتحرك بإستمرار. كانت تصعد من جميع أنحاء الأرض. سألتُ الرَّب يسوع حين إقتربنا الى واحدة منها، "ما هذه؟"
قال، "هذه مداخل الجحيم. سندخل الى الجحيم من خلال أحدها."
وفي الحال دخلنا أحد القموع. بدت في الداخل مثل نفق، يلتف حول نفسه ثم يرجع ثانية.
سقط علينا ظلام شديد، ومع الظلام أتت رائحة رهيبة جداً أذهلتني. وكان على طول جوانب النفق أشكال كائنات حيّةٍ مطمورة في الحيطان. وكان شكلها رمادي قاتم وكانت تتحرك وتصرخ علينا عند إجتيازنا. عرِفتُ بدون أن أُخبِر أنها كانت شريرة.
كان بإمكانها ان تتحرك لكنها كانت متعلقة بالحيطان. كانت رائحة رهيبة تخرج منها، وكانت تصرخ علينا بأصوات مرعبة. شعرتُ بقوة مخفية وشريرة تتحرك داخل الأنفاق.
إستطعت وأنا في الظلام أن أُميِّز هذه الأشكال. كانت غشاوة قذرة تغطي معظمها. سألتُ وأنا أشدُّ بإحكام على يد يسوع، "يا رب، ما هذه؟"
قال، "هذه أرواح شريرة جاهِزة لكي تـُقذَف على الأرض عندما يعطي إبليس أوامره."
وفيما كنَّا نهبطُ داخل النفق، ضحكت الأشكال الشريرة وصرخت علينا. حاولَت لمسنا لكنها لم تستطِع بسبب قوة يسوع. كان الهواء ملوّثاً وقذِراً. حضور يسوع وحده منعني من الصراخ لهكذا رعب مطلق.
نعم، كانت عندي كل أحاسيسي، إذ أستطعت ان أسمع، أشمّ رائحة، أرى، أشعر، وحتى أذوق الشَّر في هذا المكان. حينما كانت أحاسيسي تتعرض لحساسية أكثر كانت الرائحة والقذارة تـُمرِضني.
ملئت الصيحات الهواء عند اقترابنا من قاعدة النفق. ثقبَت الصرخات النفق المظلم لمُلاقاتنا. أصوات من كل نوع ملئت الهواء. كنت أشعر بالخوف والموت والخطيئة حوالي.
كنت أشُّمُ أسوأ رائحة تملأ الهواء. كانت رائحة لحم متعفن، بدا لي إنها كانت تأتي من كل إتجاه. لم أشعر على الأرض بهكذا شَرٍّ ولم أسمع أبداً مثل صرخات اليأس هذه. ثم اكتشفتُ بأنها كانت صرخات الموتى التي ملئت الجحيم عويلاً.
شعرتُ بعصفة ريح شريرة وقوة إمتصاص صغيرة أمامنا. كانت أضواء مثل البرق تضئ مخترقة الظلام الأسود ومرمية بظلال رمادي على الحيطان. كنتُ بالكاد أستطيع تمييز أي شئ أمامي. أذهلتني الصدمة عندما أدركتُ بأن أفعى كبيرة كانت تتحرك أمامنا. وإذ واصلت النظر، رأيتُ تلك الأفاعي القبيحة تنسل في كل مكان.
قال يسوع، "سندخل الساق اليسرى من الجحيم قريباً. سترين أمامكِ أسى عظيم، حزن مثير للشفقة ورعب لا يمكن وصفه. إبقِ على مقربة مني، وأنا سأُعطيك قوة وحماية ونحن فاحصين الجحيم.
"الأشياء التي أنتِ على وشك رؤيتها هي إنذار. الكتاب الذي تكتبينه سينقـُذُ نفوساً كثيرة من الذهاب الى الجحيم. ما ترينه حقيقي. لا تخافي، لأني أنا معكِ."
وأخيراً، كنَّا، الرَّب يسوع وأنا، في أسفل النفق. فدخلنا الى الجحيم. سأُحاولُ بكل قدرتي أن أُخبرِك ما رأيتُ، وسأُخبرِكَ بالترتيب ما أعطاه لي اللَّه.
كانت أمامنا، بقدر ما أستطعت رؤيته، أشياء تندفع بسرعة هنا وهناك. ملأ الهواء أصوات وصرخات مؤسفة. رأيتُ قدامي ضوءأ مُعتِماً، بدأنا بالسير نحوه. كان الطريق جافاً وقذراً يُشبه الطحين. كنا تقريباً عند مدخل نفق مظلم صغير.
لا يمكنني وضع بعض الأشياء على الورق إذ كانت سيئة جداً لا يمكن وصفها. يمكن تذوُّق الخوف في الجحيم، وعرفتُ أنه إن لم يكن يسوع معي لما إستطعت العودة ثانية. في كتابتي لهذه الأمور، لم أفهم بعض الأشياء التي رأيتها، لكن الرَّب يعرِف كل الأشياء. وهو ساعدني على فهم معظم ما رأيتُ.
دعني أُحذِّرك من الذهاب الى ذلك المكان. إنه مكان عذاب مروع، فيه ألمٌ مُبرِح جداً وحزن أبدي.
ستكون نفسك حيَّة دائماً. النفس تعيش الى الأبد. هو أنتَ بنفسِك، ونفسُكَ إما تذهب الى السماء او الى الجحيم.
الى أؤلئك الذين يعتقدون بأن الجحيم هو هنا على الأرض، نعم أنت على حق! الجحيم هو في مركز الأرض، وهناك نفوس تتعذب ليلاً ونهاراً. ليس هناك تجمُّع إجتماعي في الجحيم. لا محبة، ولا شفقة، ولا إستراحة. إنه مكانُ أسى لا يُمكنك تصوره.
الفصل الثاني
الساق اليسرى للجحيم
ملئت رائحة رهيبة الهواء. قال يسوع لي، "تتواجد في الساق اليسرى للجحيم العديد من الحُفر. يتفرع هذا النفق الى أجزاء أخرى من الجحيم، لكننا سنقضي بعض الوقت في الساق اليسرى أولاً.
"هذه الأشياء التي أنتِ على وشك رؤيتها ستبقى معكِ دائماً. يجب ان يعرف العالم عن حقيقة الجحيم. لا يعتقد العديد من الخطاة وحتى بعض من شعبي بأن الجحيم حقيقي. أنتِ إختـُرتِ من قبلي لكشف هذه الحقائق لهم. كل شئ أُريكِ عن الجحيم وكل الأشياء الأخرى التي سأُريك حقيقية."
أظهر يسوع نفسه لي بشكل نور ساطِع. أسطَع من الشمس. كانت هيئة رجل في مركز ذلك النور. أحياناً رأيتُ يسوع كرجل، وفي أوقات أخرى كان بشكل روح.
تكلَّم ثانية قائلاً، "يا طفلتي، عندما أتكلـَّمُ، الأبُ تكلـَّم، الأب وأنا واحد. تذكري قبل كل شئ تأتي المحبَّةُ ومغفِرة الواحدِ للأخر. تعالي الأن، إتبعيني."
وإذ مشينا، كانت أرواح شريرة تهرب من حضور الرَّب. بكيتُ، "يا اللَّه، يا اللَّه. ما هي الخطوة التالية؟"
كما قلت سابقاً كانت لي كل أحاسيسي في الجحيم. كل الموجودين في الجحيم لهم كل أحاسيسهم. أحاسيسي كانت تعمل الأن بقوة كاملة. كان الخوف في كل جهة. وترصدت أخطار مُتعذِر وصفها في كل مكان. كل خطوة خطوتها كانت أكثر فضاعة من سابقتها.
كانت هناك مداخِلَ بحجم النوافذ الصغيرة، تـُفتح وتـُغلق بسرعة في قمة النفق. ملئت الصرخات الهواء فيما كان العديد من المخلوقات الشريرة الطائرة تجتازنا، فوق وخارج مداخِل الجحيم. كنَّا تقريباً في نهاية النفق. كنتُ أرتعِدُ خوفاً بسبب الخطر والخوف حولنا.
إني لشاكرة لحماية يسوع. أشكرُ اللَّه لقوته العظيمة لحمايتنا حتى في حُفر الجحيم. لكني حتى بوجود درع الحماية كنتُ لا أزال أفكرُ بالقول: ليس مشيئتي بل لتكن مشيئتك.
نظرت الى جسدي، ولاحظت للمرة الأولى بأنني في هيئة روح، وشكلي كان في شكل نفسي. تسائلتُ ماذا سأرى بعد.
خرجنا، يسوع وأنا، من النفق الى طريق صفوف عريضة من الارض تتواجد على جانبيها حُفر نارٍ في كل مكان بقدر ما استطاعت عيني رؤيته. كانت الحفرة بقطر أربعة أقدام وعمق ثلاثة أقدام تُشبه طاسةً. قال يسوع، "هناك العديد من الحُفر في الساق اليسرى للجحيم. تعالي، سأُريكِ البعض منها."
وقفت بجانب يسوع على الطريق ونظرتُ الى داخِل إحدى الحُفر. كان الكبريت مطموراً في جانب الحفرة ومُتوهِجـاً بلون أحمر مثل الفحم المُحمّى بالنـار. وكان في مركز الحفرة نفسٌ مفقـودة ماتت وذهبت الى الجحيم. وإبتدأت النيران في أسفل الحفرة تكتسح صاعدة ومغطيّة تلك النفس المفقودة في اللَّهيب. وللتو خمدت النيران متحولة الى جمرٍ، وجالبةً صوتاً صاخباً إكتسح النفسَ المُعذبة في الحفرة.
نظرتُ ورأيتُ تلك النفس المفقودة في الحفرة وهي محبوسة داخل شكل هيكلي. فبكيتُ للمنظر وقلتُ، "أليس بإمكانِكَ ان تتركهم يخرجون؟" وفكرتُ، "كم مريع هذا المنظر، هذا كان ممكناً ان أكون أنا، قلتُ، "يا رب كم مُحزنٌ رؤية ومعرفة وجود نفس حيّة هناك"
سمعتُ بكاء من مركز الحفرة الأولى، رأيتُ نفساً على شكل هيكل عظمي تقول، "يا يسوع إرحمني!"
قلتُ، "أوه يا رب،" كان صوت إمرأة. نظرتُ إليها وأردتُ سحبها من النار. كسر منظرها قلبي.
وتكلـَّم الشكل الهيكلي للمرأة المغطى بغشاوة رمادية قذرة مع الرَّب يسوع. إستمعتُ إليها وأنا منصدِمة. كان اللحم الفاسد يتدلى من عظامها، وإذ إحترق، تساقط الى قاع الحفرة. ونظرتُ في موقع العيون وإذ تجاويفَ فارِغة فقط.
بدأ النار عند قدميها بشكل لهيب صغير، ثم إزدادت شدته حين تسلقت النفس نحو الأعلى وغمر كل جسدها. بدا لي أن المرأة تحترق بشكل متواصل، حتى عندما صار اللهيب جمراً. وأتت من أعماقها صرخات وأهات يأس قائلة، "يا رب، يا رب، أُريد الخروج من هنا!"
إستمرَّت بمد يدها الى يسوع. نظرتُ الى يسوع، كان هناك حزناً عظيماً على وجهه. قال يسوع لي، "يا طفلتي، أنتِ هنا معي لتدعي العالم يعلم ان عاقبة الخطيئة هو موت. هذا الجحيم حقيقي."
نظرتُ الى المرأة ثانية ورأيتُ ديدان تزحفُ خارِجة من عظام هيكلها العظمي، لكنها لم تتأذى بالنار. قال يسوع، "تعرِفُ وتشعرُ بتلك الديدان في داخلها."
بكيتُ إذ واصل النار ذروته، وبدأ إحتراق مريع من جديد، فقلتُ، "يا اللَّه رحمتك."
هزَّت الصرخات العظيمة والتنهدات العميقة شَكل هذه النفس. لقد فـُقِدَت. ليس هناك من مخرج. قلتُ بصوت خفيض إذ كنتُ خائفة جداً، "يا يسوع، لماذا هي هنا؟"
قال يسوع، "تعالي."
كان الطريق الذي كنَّا فيه على شكل دائري، يلفُّ جيئة وذهاباً بين حُفر النار هذه بقدر ما إستطعت رؤيته. إختلطت نداءات الموتى الأحياء بصيحات قبيحة وعويل، وصل الى سمعي من كل الإتجاهات. لم تكن هناك أوقاتاً هادئة في الجحيم. كانت رائحة الموت واللحم الفاسِد تملأ الهواء بشكل كثيف.
جئنا الى حفرة أخرى. وفي هذه الحفرة التي كانت بحجم السابِقة، كان شكل هيكلي أخر. سمِعتُ بكاء رجل من الحفرة قائلاً، "يا رب، إرحمني!" كنتُ أُميّزَ النفوسَ رجلاً أم إمرأة حينما تتكلمُ النفس.
خرجت تنهدات وعويل عظيم من الرجل قائلاً، "أنا أسف جداً، يا يسوع. إغفر لي. إخرجني من هنا. إنني في مكان العذاب هذا سنوات عديدة. أتوسل إليك دعني أخرج!" هزَّت تنهداته العظيمة إطاره الهيكلي عندما إستجدى. وإستمرَّ، "إرجوك، يا يسوع، دعني أخرج!" نظرتُ الى يسوع ورأيتـُه يبكي أيضاً.
وصرخ الرجل من الحفرة المحترقة، "يا رب يسوع، ألم أُعاني بما فيه الكفاية من أجل خطاياي؟ لقد مرَّت أربعون سنة على موتي."
قال يسوع، "مكتوبٌ أنَّ البار بالإيمان يحيا!، كل مستهزئ وملحد له نصيبه في بحيرة النار. لم تـُصدِّق الحق. كثيرون من الناس أُرسِلوا إليكَ ليُرينكَ الطريق، لكنك لم تستمع إليهم. سخرتَ منهم ورفضتَ الإنجيل. بالرغم من مَوتي على الصليب من أجلك. هزأتَ بي ولم تندم عن خطاياك. أبي أعطاك فُرصاً عديدة لكي تخلص. لو إستمعت فقط!" عندها بكى يسوع.
قال الرجل باكياً، "يا رب أعرِف. لكني أندم الأن."
قال يسوع، "فات الوقت، حُكمٌ وضِع."
إستمرَّ الرجل، "با رب، البعض من أقربائي أتين الى هنا لأنهم لم يندموا أيضاً. أرجوك يا رب دعني أذهب وأُخبِرهم بأنه ينبغي عليهم ان يتوبوا عن خطاياهم فيما لا يزالون على الأرض. أنا لا أُريدهم أن يأتوا الى هنا."
قال يسوع، "عندهم وعاظ، معلمون وشيوخ، جميعهم يكرِز بالإنجيل. هم سيُخبرونهم. لديهم فوائد أنظِمة الإتصالات الحديثة أيضاً والعديـد من الطرق الأخرى ليتعلمـوا عنّي. أرسلتُ الفعلةَ إليهـم لكي يؤمنوا ويخلصوا. إن لم يؤمنوا حين سماعِهم الإنجيل فإنهم لن يقتنعوا حتى لو قام واحداً من بين الأموات."
عند ذاك، ملكَ الرجل غضباً فإبتدأ باللعنة وخرجت منه كلمات شريرة ومُجدِّفة. نظرتُ وأنا مرتعبة إذ غمر اللهيب ذلك الرجل، وبدأ لحم فاسِد يتساقط منه. داخل هذا الهيكل الميّت للرجل، رأيتُ النفسَ. بدتِ النفسُ مثل غشاوة رمادية قذرة ملئت هيكله العظمي.
إلتفتُّ الى يسوع باكية، "يا رب، ياله من أمر رهيب!"
قال يسوع، "الجحيم حقيقي والحُكمُ حقيقي. أُحبهم كثيراً يا طفلتي. هذه بداية الأشياء المخيفة التي ينبغي أن أُريكِ إياها، هناك أكثر بكثير ما هو قادِم."
"إخبري العالم مِن قِبلي أن الجحيم مكان حقيقي وأن الرجال والنساء يجب ان يتوبوا عن خطاياهم. تعالي، إتبعيني. علينا أن نستمر."
كان في الحفرة الأخرى إمرأة ذو هيئة صغيرة، تبين لي أنها بعمر ثمانين عاماً. لا أستطيع أن أقول إنني عرِفتُ عمرها، لكني عرِفتُ. كان الجلد قد أُزيل عن عظامها باللهيب المستمر. كل ما تبقى منها كان عظام وغشاوة نفسٍ قذرة داخلها. راقبتها فيما كان النار يحرقها. ثم لاحظتُ عظاماً فقط مع ديدان تزحفُ داخلها، لكن النار لم تستطع حرقَ الديدان.
بكيتُ، "يا رب، ما أفظع هذا! لا أعرف إن كنت أستطيع الإستمرار لأن هذا فظيع جداً غير ممكن تصوّره." وبقدر ما إستطاعت عيني رؤيته كان نفوسٌ تحترقُ في حُفر النار.
أجاب يسوع، "لهذا أنتِ هنا، يجب ان تعرفي وتـُخبري العالم عن حقيقة الجحيم. السماء حقيقة! الجحيم حقيقي! تعالي، يجب ان نستمر."
نظرتُ إلى الوراء نحو المرأة. كانت ندِاءاتها حزينة جداً. وإذ كنتُ أُراقِبُها، رأيتها تضع يديها العظميةِ معاً، كما لو أنها تصلي. لم أستطع مسكَ نفسي عن البكاء. كنتُ بهيئة روح وأنا باكية. عرِفتُ بأن الناس في الجحيم يشعرون بكل هذه الأشياء أيضاً.
عرِفَ يسوع أفكاري، فقال، "نعم يشعرون، يا طفلتي، حينما يأتي الناس الى هنا، لديهم ذات المشاعر والأفكار كما كانوا على الأرض. يتذكرون عائلاتهم وأصدقائهم. كانت لهم الفرصة في كل الأوقات للتوبة لكنهم رفضوا ذلك. الذاكِرة دائماً معهم. فقط لو أمنوا بالإنجيل وتابوا قبل فوات الوقت."
نظرتُ الى المرأة العجوز مرة أخرى، عند هذا الوقت لاحظتُ بأنه كان لها ساق واحدة. وبدا أن ثقوباً حُفِرت في عظام وركِها. سألت، "ما هذه يا يسوع؟"
قال، "يا طفلتي، بينما كانت على الأرض، كان عندها سرطان وكانت في ألمٍ شديد. عُمِلت لها جراحة لإنقاذ حياتها. كانت في مرارة إمرأة عجوز لسنوات عديدة. جاء العديد من أولادي للصلاة من أجلها ولإخبارها أنه بإستطاعتي شِفائِها. قالت، "اللَّه عَمِل هذا لي." لم تتـُب ولم تؤمن بالإنجيل. حتى أنها عرفتني مرةً، لكن مع مرور الوقت صارت تكرهني."
"قالت بأنها ليست بحاجة الى اللَّه ولم ترِد أن أشفيها. رغم ذلك ناشدتها وكنت لا أزال أُريد مساعدتها، أُريد شفائها وبركتها. لكنها رفضتني ولعنتني. قالت بأنها لا تريدني. ناشدتها بروحي حتى بعد رفِضها لي، إذ كنتُ لا أزالُ أُحاوِلُ سحبها بروحي، لكنها لم تستمع. أخيراً ماتت وجاءت الى هنا."
صرخت المرأة العجوز الى يسوع، "يا رب يسوع، أرجوك إغفر لي الأن. إني أسفة بأني لم أندم حينما كنتُ على الأرض." وبتنهدات عظيمة صرخت الى يسوع قائلة، "لو تـُبتُ قبل فوات الاوان يا رب، ساعدني لأخرج من هنا. أنا سأخدِمُك. أنا إنسانة جيدة. ألم أُعاني بما فيه الكفاية؟ لماذا إنتظرتُ حتى فات الوقت؟ أه، لماذا إنتظرتُ حتى توقفت روحِكَ عن الكِفاح معي؟"
قال يسوع لها، "كانت لديك فرصة تلو الأخرى لتتوبي وتخدميني." بان الحزنُ على وجه يسوع فيما كنّا ننصرف.
وفيما راقبت بكاء المرأة العجوز، سألتُ، "يا رب، ما هي الخطوة التالية؟"
كنتُ أشعر بخوف شامل حولي. كان الحزن ونداءات الألم وجو الموت في كل مكان. مشينا، يسوع وأنا، في أسى وشفقة الى الحفرة التالية. أمكنني الإستمرار بواسطة قوته فقط. ولمسافة عظيمة كنتُ لا أزالُ أسمع نداءات المرأة العجوز وهي تطلب المغفرة. لو كان بإمكاني عمل أي شئ لمساعدتها. فكرتُ، أيها الخطاة رجاء لا تنتظِروا حتى يترك روح اللَّه الكِفاح معكُم.
في الحفرة التالية رأيت إمرأة على رُكبتيها، كما لو كانت تبحث عن شئ. كان شكلها الهيكلي ملئ بالثقوب. كان بإمكاني النظر من خلال عِظامها وكانت ملابسها الممزقة تحترق. ورأسها كان أصلعاً، وفي أماكن يُفترَضُ وجود عيون وأنف وجدتُ ثقوباً. كانت نار قليلة تحترق حول أقدامها وهي ساجِدة. كانت تخمش جوانب حفرة الكبريت. فألهب النار يديها، وكان لحم ميّت لا يزال يتساقط منها وهي مستمرة في الحَفرِ.
هزَّتها تنهداتها العظيمة. بكت قائلة، "يا إلَهي، يا إلَهي، أُريد الخروج." وفيما كنا نراقبها، كانت قد وصلت أخيراً الى قمة الحفرة بأقدامها. إعتَقدتُ بأنها ستخرج من الحفرة حين رأيتُ شيطاناً كبيراً بأجنحة عظيمة، بدت مكسورةً عِند قِمتها ومتدلية عند جانبيها، وكان لونه أسود الى رمادي، وله شعرٌ في جميع أنحاء شكله الضخم. كانت عيونه في مؤخرة رأسه، كان بحجم دب أمريكي كبير، أسرع نحو المرأة ودفعها بقوة الى الوراء فسقطت في الحفرة والنار. راقبتُ سقوطها وأنا مرتعِبة. شعرتُ بأسف شديد عليها. أردتُ أخذها الى حضني ومسكها وأن أطلب من اللَّه شِفائها وإخراجها من هناك.
عرِف يسوع أفكاري فقال، "يا طفلتي، حُكمٌ وضِع. اللَّه تكلـَّم. حتى حينما كانت طفلاً، دعوتها ودعوتها للتوبة ولخدمتي. عندما كانت بعمر ستة عشر سنة، جئت إليها وقلت لها، أُحِبُّكِ، أعطِ حياتكِ لي، وتعالي إتبعيني لأن لي دعوة لكِ لغرض خاص. دعوتها كل حياتها، لكنها لم تستمع. قالت، يوماً ما سأخدِمُك. ليس لي وقتٌ لكَ الأن. لا وقت، لا وقت، لي حياتي المَرحة. لا وقت، لا وقتَ لخدمتِكَ يا يسوع، غداً سأفعل ذلك."
ولم يأتي الغد لأنها إنتظرت فترةً طويلة جداً.
صرخت المرأة الى يسوع، "نفسي في العذاب حقاً. ليس هناك مخرج. أعرِفُ بأنني أردتُ العالم بدلاً عنك، يا رب. أردتُ الغِنى والشهرة والثروة وحصلتُ عليها. كان بإمكاني شراء أي شئ أُريده، كنتُ رئيس عملي الخاص. كنتُ الأجمل، وكنتُ ألبس أفخر الملابس في وقتي. كان عندي الغِنى والشهرة والثروة، لكني وجدتُ أنه لا أستطيع أن أخذهم معي عند موتي. يا رب، الجحيم مريع. لا أجدُ راحة لا في الليل ولا في النهار. إنني دوماً في ألمٍ وعذاب. ساعدني يا رب."
نظرت المرأة الى يسوع بشوق وقالت، "يا رب الطيب، لو إستمعتُ إليك! سأندمُ على ذلك الى الأبد. خططتُ لخدمتِكَ يوماً ما حينما أستعِد لذلك. إعتقدتُ بأنك دوماً ستكون لي هناك. لكن كم أخطأتُ أنا. كنتُ واحدِة من أكثر النساء المرغوبات في وقتي لجمـالي. كنتُ أعرِفُ ان اللَّه كان يدعوني للتوبة. كان يسحبني طوال حياتي بحبال الحُبِّ. أه، إستغلتُ اللَّه! حاولَ بجَدٍّ الحصول عليَّ لخدمتِه، فيما كنتُ طوال الوقت أعتقدُ بأنني لم أكن بحاجة إليه. أه، كم أخطأتُ، لأن إبليس بدأ بإستغلالي وبدأتُ بخدمة إبليس أكثر فأكثر. وفي النهاية أحببتهُ أكثر من اللَّه. أحببتُ الخطيئة ولم أتـّجه الى اللَّه.
وإستمرَّت، "إستخدم إبليس جمالي ومالي، وإتجهت كل أفكاري نحو حجم القدرة التي سيُعطيني إياها. رغم ذلك، واصل اللَّه سحبي. لكني إعتقدتُ، بأنه لدي يوم غدٍ او اليوم التالي. ثم في يوم ما بينما كنتُ راكبة في سيارة، دخل سائقي بالسبارة في بيتٍ، وقـُتِلتُ هناك. يا رب أرجوك إتركني أخرج."
فيما كانت تتكلم كانت يديها وذراعيها ممدودتان الى يسوع والنيران تواصِلُ حَرقها.
قال يسوع، "حُكمٌ وضِع."
سقطت دموع على خدوده فيما إنتقلنا الى الحفرة التالية. كنتُ أبكي في داخلي عن مدى الرعب الموجود في الجحيم وقلتُ، "يا عزيزي الرَّب، العذاب حقيقي جداً. عندما تأتي نفس الى هنا، لا أمل لها، لا حياة، لا محبَّة، الجحيم حقيقي جداً." فكرتُ، لا مَخرج لها، يجب ان تحترق في هذه النيران الى الأبد.
قال يسوع، "الوقت ينقضي، سنرجع غداً."
ياصديق، إن كُنت تعيش في الخطيئة، أرجوك تُب. إن كُنت مولوداً ثانية وإنحرفت عن اللَّه، تـُب وعُد إليه الأن. عِش حياة جيدة وإسند الحق. إستيقظ قبل فوات الأوان، فبإمكانك ان تقضي الأبدية مع الرَّب في السماء.
تكلَّم يسوع ثانية، "الجحيم له جسد مثل جسد الإنسان، يستند على ظهره في مركز الأرض. الجحيم مُشكـَّلٌ مثل جسد إنسان ضخم جداً وله العديد من غُرَف العذاب."
"تذكري أن تـُخبري الناس على الأرض بأن الجحيم حقيقي. تتواجد الملايين من النفوس المفقودة هنا، وكل يوم تأتي نفوس أكثر وأكثر. في يوم الحساب العظيم فإن الموت والجحيم يُلقيان في بحيرة النار، ذلك سيكون الموتُ الثاني."
الفصل الثالث
الساق اليمنى للجحيم
لم أستطع النوم ولا الأكل منذ مجيئي من الجحيم في الليلة السابقة. كل يوم كنتُ أعيش الجحيم. كنتُ حينما أغلق عيوني، كل ما كنتُ أراه كان جحيماً. أذاني لم تستطع ان تمنع نِداءات الهالكين. مثل برنامج تلفزيوني كنت أتذكر تكراراً كل الأشياء التي شاهدتها في الجحيم. كل ليلة كنتُ في الجحيم وفي النهار كنتُ منهمكة في إيجاد الكلمات المناسبة من أجل جلب هذا الشئ المخيف الى كل العالم.
ظهر يسوع لي ثانية وقال، "يا طفلتي، هذه الليلة سندخل الساق اليمنى للجحيم. لا تخافي لأني أُحِبُّكِ وإني معكِ."
كان وجه الرَّب حزيناً. كانت عيونه مليئة بالحنان العظيم والحب العميق. ومع أن أؤلئك الذين في الجحيم فـُقِدوا الى الأبد، إلا إني عرِفتُ بأنه ما زال يُحِبُّهم إلى الأبد.
قال، "يا طفلتي، اللَّه، أبانا، أعطى لكل واحد منـَّا الإرادة لكي نتمكن الإختيارَ إما خِدمته أو خِدمة إبليس. لاحظي أن اللَّه لم يعمل الجحيم لشعبه. إبليس يخدع الكثيرين لكي يتبعونه، لكن الجحيم جُعِلت للشيطان وملائكته. ليست رغبتي ولا رغبة أبي أن يهلِكَ أحدٌ." تدفقت دموع الشفقة على خدود يسوع حين قال ذلك.
ثم تكلـَّم ثانية، "تذكري كلماتي في الأيام القادمة وأنا أُريكِ الجحيم. لي كل القوة في السماء والأرض. سيبدو لكِ في بعض الأحيـان بأني تركتـُكِ، لكني لا أفعـل ذلك. بعض الأحيان سترانا القوات الشـريرة والنفوس المفقودة، وفي أحيان أخرى لن يرونا. فأينما نذهب، كوني بسلام ولا تخافي عند متابعتي."
إستمرنا ثانية. كنت أتبعهُ عن كثب وأنا خلفه باكية. لقد بكيتُ لأيام عديدة إذ لم أستطع أن أتخلـَّص من حضور الجحيم الذي كان قدامي. كنتُ أبكي في داخلي أغلب الأحيان. نفسي كانت حزينة جداً.
وصلنا الى الساق اليمنى للجحيم. وناظراً للأمام، رأيتُ بأننا كنـَّا على ممر جاف ومحروق. ملئت الصيحات الهواء القذر، ورائحة الموت الكريهة كانت في كل مكان. كانت الرائحة كريهة أحياناً حتى أنها أمرضتني في معدتي. كان الظلام في كل مكان ما عدا النور الذي كان ينبثق من المسيح ومن الحُفر الملتهبة التي شكَّلت نقاطاً لمنظر طبيعي بقدر ما أستطاعت عيني رؤيته.
وفي ذات الوقت كانت شياطين من جميع الأنواع تجتازنا. هدرت العفاريت فيما كانت تجتازنا. كانت الأرواح الشيطانية من جميع الأحجام والأشكال تتكلم مع بعضها البعض. وكان قدامنا شيطان كبير يُعطي الأوامِرَ لشياطين صغيرة. توقفنا للإستماع. قال يسوع، "هناك جيش مخفي من القوات الشريرة ليست هي ههنا، هي أرواح شريرة مختصة بالمرض."
قال الشيطان الكبير للعفاريت والشياطين الصغيرة، "إذهبوا، إعملوا العديد من الأمور الشريرة. فرِّقوا البيوت وحطِّموا العائلات. إغْوو المسيحيين الضعفـاء، وخرِّبـوا الإرشـادات وضلِلـوا ما بإستطاعتكم. وستحوزون على مكافأة عندما تعودون."
وأضاف، "تذكروا، يجب ان تكونوا حذرين من أؤلئك الذين قبِلوا يسوع بصدقٍ كمُخلـَّص لهُم. لديهم القدرة على طردِكُم. إذهبوا الأن عِبر الأرض. إذ لي الكثير من الأخرين هناك وما زال لي أخرون للإرسال. تذكروا، نحن خدام أمير الظلام وسلاطين الهواء."
وعند ذلك، بدأت الأشكال الشريرة بالمغادرة خارِجةً من الجحيم. وإنفتحت أبواب في قمة الساق اليمنى للجحيم وإنغلقت بسرعة لِتدعهم يخرجون. كما إرتفع البعضُ خارجـاً من القمع الذي كنَّـا قد دخلنا فيه.
سأحاوِلُ وصف شكل هذه الكائنات الشريرة. فالذي كان يتكلم كان ضخماً جداً، بحجم دب أمريكي، رمادي اللون، له رأس كالخفاش وعيونه كانت موضوعة بعيداً الى الخلف من وجهه المُشعّر، وشعرٌ كثيف على ذراعيه، وأنياب خارجة من وجهه المُشعّر.
وواحدٌ أخر كان صغيراً مثل قرد بأذرع طويلة جداً، وجهه كان صغيراً جداً وله إنف مستدق، ولم أرى فيه أيِّ عيون في أي مكان من جسمه.
وواحدٌ أخر كان له رأس كبير، أذان كبيرة وذيل طويل، فيما كان أخرٌ كالحصان وله جلد ناعم. منظر هذه الشياطين والأرواح الشريرة والرائحة الفظيعة الخارِجة منها أمرضتني في معدتي. في أي مكان وقعت عيني كنتُ أرى شياطيناً. أكبرُ هذه الشياطين كما علِمت من الرَّب، كانت تستلم أوامرها من إبليس.
مشيتُ، يسوع وأنا، الى أسفل الممر حتى وصلنا الى الحفرة التالية. كانت نِداءات الألم، أصوات أسى غير قابلة للنسيان، في كل مكان. وفكرتُ، يا رب، ما هي الخطوة التالية؟
مشينا مباشرة مجتازين بعضاً من الكائنات الشريرة، التي كما يبدو لم ترانا، وتوقفنا عند حُفرة أخرى من النار والكبريت. وكان في هذه الحفرة رجل ضخم. سمعتهُ يكرِز بالإنجيل. نظرتُ بدهشة الى يسوع لأخذِ جوابٍ، لأنه دوماً يعرف أفكاري. قال، "عندما كان هذا الرجل على الأرض كان كارزاً للإنجيل. في فترة ما تكلم الحق وخدمني."
تسائلتُ ماذا يفعلُ هذا الرجل في الجحيم. كان بطول ستة أقدام تقريباً، وهيكله العظمي كان قذراً، لونه رمادي، مثل بلاطة ضريح. كانت أجزاء من ملابسه ما تزال معلقةً عليه. تسائلتُ لماذا تركت النيرانُ ملابسه الممزقة والرثـَّة ولم تـُحرِقها. كان اللحم المحترق يتدلى منه، وبدت جمجمته وكأنها مُلتهبة بالنيران. وكانت رائحة فظيعة تخرج منه.
راقبتُ الرجل وهو يمدُّ يديه وكأنه كان يحمل كتاباً وبدأ بقراءة أيات من كتاب إيمان من صُنعِهِ. ثم تذكرت ثانية ما قاله يسوع لي: "لديكِ كل أحاسيسكِ في الجحيم، وإحساسك أقوى هنا."
قرأ الرجل أيات وأيات، وأنا إعتقدتُ بأنه كان جيداً. قال يسوع للرجل ومحبَّة عظيمة في صوته، "سلام، إهدأ." وفي الحال توقف الرجل عن الكلام وإتجه بنظره الى يسوع.
رأيتُ نفس هذا الرجل داخل شكل هيكلي. قال للرب، "يا رب، إنني أكرِز الحق هنا لكل الناس. يا رب، أنا مستعِدٌ الأن للذهاب وإخبار الأخرين عن هذا المكـان. أعرِفُ أنه حينما كنتُ على الأرض، لم أؤمن بوجود الجحيم، ولم أؤمن بأنك أتٍ ثانية. هذا ما أراد الناس سماعه، وأنا ساومتُ الحقَّ مع الناس في كنيستي."
وأضاف، "أعرف بأنني لم أُحِبَّ أيَّ واحدٍ مختلفٍ في الجنس او لون البشرة، كنتُ السبب في إنحراف الكثيرين عنك وعمِلتُ قوانيني الخاصة عن السماء وعن الصواب والخطأ. أعرِف إني قـُدت الكثيرين للضلال، وكنتُ السبب في عثرة كثيرين بخصوص كلمتك المقدسة، وأخذتُ مالاً من الفقراء. لكن يا رب دعني أخرج، سأعملُ الصواب حقاً. لن أخذ مالاً من الكنيسة بعد الأن. أنا ندمتُ حقاً، وسأُحِبُّ الناس من كل جِنسٍ ولون."
قال يسوع، "أنت لم تـُشوِّه وتـُسئ فقط الى كلمة اللَّه المقدسة، بل كذبتَ أيضاً عن عدم معرِفتِكَ الحق. مُتع الحياة كانت أكثر أهمية لديك من الحق. زُرتكَ بنفسي وحاولتُ إرجاعكَ، لكنك لم تستمع. بل إستمرت في طريقك وصار الشَّر سيّدِكَ. عرفت الحق، لكنك لم تتب ولم ترجع إليَّ. كنتُ دائماً هناك. إنتظرتك. أردتك ان تتب، لكنك لم تتب والأن وضِع الحُكمُ."
كانت الشفقة على وجه يسوع. عرفتُ أنه لو إستمع الرجل الى نِداء المُخلـَّص، لما وجِد هنا الأن. أيها الناس، إصغوا رجاءً.
تكلم يسوع ثانية مع المرتدي، "كان عليك أن تقولَ الحقَّ لكنت أرجعتَ الكثيرين للبِر بكلمة اللَّه التي تقول بأن كل الملحدين سيكون نصيبهم في البحيرة التي تحترق بالنار والكبريت."
وأضاف يسوع، "عرِفتَ طريق الصليب. عرِفتَ طريق البِر. كنتَ تعلَمَ الكلام عن الحق، لكن إبليس ملأ قلبك بالأكاذيب، فدخلتَ في الخطيئة. كان عليك أن تتوب بإخلاص، وليس نصف الطريق. كلمتي حق ولا تكذب. والأن فات الوقت، فات الوقت."
عند ذاك، هزَّ الرجل قبضته نحو يسوع وبدأ يلعنهُ.
وبأسى مشينا، يسوع وأنا، الى الحفرة التالية. كان الواعظ المُرتد لا يزال يلعن موجِهاً غضبه على يسوع. وفيما كنَّا نتجاوز حُفر النار، كانت أيدي المفقودين تمتد الى يسوع، أصوات إلتماس تصيح طالبة الرحمة. كانت أياديهم العظمية وأذرعهم ذات لون أسود الى رمادي بسبب الإحتراق إذ لم يتواجد فيهم لحم حي او دم أو أعضاء، تواجد الموت والموتى. كنت أبكي في داخلي، يا أرض توبي. إن لم تتوبي ستأتين الى هنا. توقفي قبل فوات الأوان.
توقفنا عند الحفرة التالية. شعرتُ بشفقة على جميعهم، ومسكني أسى عميق إذ كنتُ ضعيفة جسدياً وبالكاد إستطعت الوقوف. تنهدات عظيمة هزّتني، فقلتُ، "يا يسوع إنني متأذية في داخلي جداً."
خرج صوتُ إمرأة من الحفرة موجهاً ليسوع. كانت المرأة تقِفُ في مركز النيران وكانت النيران تُغطي كل جسدها. كانت عظامها مليئة بالديدان واللحم الميّت. وفيما كانت النيران تشتعل حولها، رفعت يديها نحو يسوع وهي باكية، "دعني أخرج من هنا. سأُعطيك قلبي الأن، يا يسوع. سأُخبر الأخرين عن مغفرتكَ. سأشهد لك. أتوسل إليك. رجاء دعني أخرج من هنا!"
قال يسوع، "كلمتي حق، وهي تعلنُ بأنه على الجميع ان يتوبوا ويرجعوا عن خطاياهم ويطلبوا مني أن أتي الى حياتهم إن لم يريدوا المجئ الى هذا المكان. هناك مغفرة للخطايا من خلال دمي، أنا أمينٌ وعادل وسأغفِرُ لكل أؤلئك الذين يأتون إليَّ. ولن أطردهم."
ثم دار بنظره الى المرأة وقال، "إن إستمعتِ إليَّ وجئت إليَّ وندمت، لغَفرتُ لكِ."
سألتْ المرأة، "يا رب هل هناك أي مخرج من هنا؟"
تكلَّم يسوع بصوت هادئ، "يا إمرأة أُعطيتكِ العديد من الفرص للتوبة، لكنك قسّيتِ قلبكِ، عرفتِ كلمتي بأن كل المتاجرين بالعهارة سيكون نصيبهم في بحيرة النار."
دار يسوع وجهه نحوي وقال، "هذه المرأة كانت لها علاقات أثيمة مع العديد من الرجال، وسببت في تفكيك العديد من البيوت. رغم ذلك كنتُ ما أزال أُحِبُّها. جئتُ إليها لا للإدانة بل للخلاص. أرسلتُ العديد من خدامي إليها لكي تتب عن طرقها الشريرة، لكنها لم تقبل. حينما كانت شابة، دعوتها، لكنها إستمرت في عمل الشَّر. عَمَلَت الكثير من الأذى، رغم ذلك كنتُ سأغفرُ لها إذا جاءت لي. إبليس دخل فيها، نَمَتْ فيها المرارة ولم تغفِر للأخرين."
"ذهبتْ الى الكنيسة للحصول على الرجال فقط. وجدتهم وأغوتهم. لو كانت قد جاءت إليَّ لغسلتُ خطاياها بدمي. جزء منها كان يطلبُ خدمتي، لكنَكِ لا تستطيعي أن تخدمي اللَّه وإبليس في أن واحد. كل شخص لديه الإختيار لمَنْ سيخدم."
بكيتُ قائلة، "يا رب أعطِني القوة للإستمرار." كنتُ أهتزُّ من رأسي الى قدمي من رُعب الجحيم.
قال يسوع لي، "سلام، إهدأي"
بكيتُ، "يا رب ساعدني" وأضفتُ، "إبليس لا يريدنا ان نعرف الحقيقة عن الجحيم. في كل أحلامي لم أُفكر بأن الجحيم سيكون هكذا. عزيزي يسوع، متى ستكون النهاية؟"
أجاب يسوع، "الأبُ فقط يعرف متى ستكون النهاية." ثم تكلم ثانية وقال، "سلام، إهدأي". حينئذ جائتني قوةٌ عظيمة.
مشينا، يسوع وأنا، عِبر الحُفر. كنتُ أُريد سحب كل شخص إجتزته من النار وأسرِعْ به عند قدمي يسوع. بكيتُ في داخلي كثيراً. فكرتُ في نفسي، لا أريدُ أطفالي أن يأتوا الى هنا أبداً.
وأخيراً دار يسوع نحوي وقال بصوت هادئ، "يا طفلتي، سنذهب الى بيتك الأن. ليلة الغد سنعود الى هذا الجزء من الجحيم."
وفي بيتي بكيتُ وبكيت. وكنتُ أثناء النهار أتذكر تِكراراً الجحيم ورعب أؤلئك الناس هناك. أخبرتُ كل شخص قابلته خلال النهار عما يجري في الجحيم. أخبرتهم بأن ألم الجحيم لا يُمكِن تصديقه.
كُل من قرأ هذا الكتاب، رجاء، أتوسل إليك، تب عن خطاياك. إدعو يسوع واطلب منه ان ينقذك، ادعوه اليوم. لا تنتظر يوم غد. قد لا يجئ الغد. الوقت يمر بسرعة. إركع على رُكبتيك وتطهَّر من خطاياك. كونوا خيّرين الواحد للأخر. وإكراماً ليسوع كونوا لطيفين وليغفِرَ الواحِد للأخر.
إن كنتَ غاضباً مع شخص ما، إغفر له. لا غضبٌ يساوي الذهاب الى الجحيم. كُن غفوراً كما غفر المسيح خطايانا. يسوع قادر على حمايتنا إن كان لنا قلبٌ تائِب، وسيدع دمه يُطهِّرنا من كل خطيئة. أحِبُّوا أطفالكم، وأحِب جارك كنفسك.
يقول الرَّب للكنائس، "توبوا واخلصوا!"