لمحة عن حياة البابا شنودة

لمحة عن حياة البابا شنودة



لم يرتبط انسان بمكان مثلما ارتبط البابا الراحل شنودة الثالث بدير الانبا بيشوى بصحراء وادى النطرون والذى سيكون مثواه الاخير الثلاثاء بعد انتهاء صلوات الجنازة فى حضور كبار رجال الدولة.

وعلاقة البابا بهذا الدير استمرت عقودا رغم انه ترهبن فى دير آخر مجاور هو دير السريان باسم انطونيوس السريانى عام 1954 فى عمر 31 عاما الا انه اختار دير الانبا بيشوى ليكون له مقر فيه مقر بابوى دائم .

وقضى البابا فى هذا الدير سنوات طويلة من عمره اشهرها عدة سنوات قضاها رهن الاقامة الجبرية عام 1981 عندما اختلف مع الرئيس الراحل انور السادات الذى قرر عزله فى الدير واسناد ادارة الكنيسة الى لجنة خماسية من اعضاء المجمع المقدس .
وعلق البابا على قرار السادات بأن هذا ليس عقابا بل مكافأة لانه يعشق حياة الدير والصحراء ويميل الى حياة التوحد والرهبانية.

وعندما عاد البابا شنودة الى ممارسة نشاطه المعتاد حرص على ان يخصص ثلاثة ايام كل اسبوع لقضائها فى الدير كما كان يحرص على قضاء الكثير من المناسبات الدينية الهامة فى الدير مثل الاصوام خاصة اسبوع الالام.

وفى عيد شم النسيم كان يحرص على لقاء الاساقفة فى الدير وتناول وجبات هذه المناسبة فى جلسة ودية بسيطة على الارض . وكان بمجرد ان ينتهى من رسميات الاعياد ولقاء كبار المسئولين يتوق الى الصحراء وينطلق الى هناك فى سعادة غامرة وفى اجواء نفسية غير التى كان يظهر عليها فى القاهرة فيكون اكثر مرحا وبساطة.

لقد كان البابا شنودة يعشق الرهبنة والصحراء وكم كتب شعرا متغزلا فى حياة الوحدة والتعبد اشهرها صيدة " أنا فى البيداء وحدى "كما ارتبط البابا شنودة ارتباطا وثيقا بالدير والصحراء فى اوقات الازمات حيث كان يلجأ الى الاعتكاف فى الدير فى كثير من المشكلات ليس بهدف الضغط على صانع القرار كما كان يتصور كثيرون وانما كان من اجل الصلاة وطلب تدخل الله فى المشكلات وحتى لا ينزلق اللسان باقوال فى اوقات التوتر تؤدى الى مشكلات اكبر, وكان يردد عبارة " نصمت لكى يتكلم الله ".

ولايتخيل الاقباط ان البابا شنودة سيغيب عن عيد القيامة فى منتصف ابريل المقبل فقد ارتبط وجدانهم بوجوده على رأس هذه المناسبات واعتادوا طيلة اربعين عاما ان يكون على راس الاحتفالات فى الكاتدرائية والدير وكان الاف فى شم النسيم يتدفقون على الدير للاحتفال معه بهذه المناسبة .

وفى عيد الميلاد الماضى ظهر البابا شنودة بحالة ضعف شديد وكان لايستطيع السير على قدميه واحس ان النهاية تدنو فكلف الانبا باخوميوس مطران البحيرة وقائمقام البطريرك حاليا بان يقوم بتجهيز مقبرة له فى دير الانبا بيشوى فى وادى النطرون وعلى الفور تم الاسراع فى تجهيز المقبرة رغم ان جميع من حوله وعموم الاقباط لم يكونوا يتصورون هذه اللحظة حتى ان الكثيرين - من فرط الحب - يقولون ان البابا سيسلم الكنيسة للمسيح او انه سيكون آخر البطاركة.

والمقبرة التى ستستقبل جسد البابا شنودة غدا ستكون مزارا دينيا وسياحيا على مستوى مصر والعالم وتجرى حاليا التشطيبات النهائية حيث صنعت من الرخام الفاخر واحيطت بالايقونات الدينية والصلبان والانوار.

ولاشك ان عيد القيامة المقبل سيكون اتعس الاعياد فى قلوب الاقباط فهو اول عيد يغيب عنه البابا شنودة منذ 41 عاما وستغيب كل مظاهر البهجة وسيتدفق الالاف على المزار لتهنئته بالعيد وطلب الصلاة من روحه لاجل الكنيسة.